غالبا ما كان الذئب يدخل المدينة، ويتجوّل في شوارعها بحثا عن الطعام. فيخلي السكان الشوارع، ويختبئون داخل بيوتهم خائفين.
ذات يوم وصل القديس فرنسيس إلى جوار غوبيو، وكان قد أتى إلى هذه المدينة مرارا عديدة، ليعظ سكانها البسطاء.
فالتقى بأحد القرويين المسلّح بمذراة. فلمّا رأى القروي القدّيس، دنا منه وقال له: “إلى أين أنت ذاهب يا أخي فرنسيس؟ لا تذهب إلى غوبيو هناك ذئب رهيب، سيفترسك بالتأكيد. لقد أوقع الرعب في قلوب الناس، فاختبأوا في منازلهم ولم يتجاسر أحد على الخروج من بيته”.
لمّا سمع الأخ فرنسيس كلام القروي، أشفق على هؤلاء الناس البسطاء. فابتسم ورسم إشارة الصليب، وتابع سيره إلى غوبيو.
ما أن دخل الأخ فرنسيس المدينة، حتى تصدّى له الذئب الشرس، فوقف أمامه، ونظر إليه نظرة مهدّدة، ثمّ كشّر عن أنيابه وكأنّه يريد أن يمزّقه.
بقي فرنسيس هادئا، وجلس، ورسم إشارة الصليب باتجاه الذئب، ثمّ أمره قائلا:”تعال إلى هنا ! فأنا آمرك باسم يسوع أن لا تسيء اليّ ولا إلى أي إنسان كما فعلت إلى الآن. يجب أن لا تفتك بالحيوانات ولا أن تفترسها، وان لا تذبح البشر ولا تسيء إليهم، فهم صورة الله. إن صرت مسالما، قدّم لك الناس كلّ ما تحتاجه من طعام، ولن ينقصك شيء بعد اليوم… هل تعدني بذلك؟”.
طوال حديثه مع الذئب، كان الأخ فرنسيس رافعا يده باتجاهه.
تابع الأخ فرنسيس كلامه قائلا: ” تعال إلى هنا الآن ! أريدك أن تعدني بأنك ستكون مسالما من الآن فصاعدا
عندها رفع الذئب يديه ووضع فمه على ركبتي الأخ فرنسيس كحمل وديع، وكأنه يقول له : ” أعدك بأنني سأكون أليفا !”
فقال فرنسيس:” الآن آمرك باسم يسوع أن تسير خلفي. فنذهب معا لكي يرى الجميع أنك عقدت الصلح معهم وصرت مسالما”.
أطاع الذئب وسار خلف فرنسيس. فخرج سكان المدينة من بيوتهم، كبارا وصغارا، ورأوا صديقهم الأكبر القدّيس فرنسيس والذئب الأليف وراءه
ومنذ ذلك الحين، اخذ سكان غوبيو جميعا يقدّمون الطعام للذئب الوديع المسالم. وأحبّه الجميع، لا سيما الأطفال، الذين كانوا يلعبون معه.
بنى سكان غوبيو كوخا جميلا للذئب الذي أصبح حارسا للمدينة، فلم يعد اللصوص يستطيعون الدخول إليها وسرقة البيوت.
بعد هذه المعجزة، أخذ سكان غوبيو يصلّون إلى الله، والى القدّيس فرنسيس، حتى اليوم.
اضف رد