اليوم الحادي عشر (تأمل في رأفة قلب يسوع وتحننه على البشر ):
أقرن الرب يسوع بصفاته السنية ومزاياه العلوية حنواً تجاوزَ الحدود فقال: أن تنعمي بين بني البشر ( أمثال 8 : 31 ).
أما وداعته فقد تفاقمت عذوبة حتى انها أثرت في قلوب اعدائه الألداء أنفسهم، فأنهم قدموا أمامه امرأة زانية فلم يرذلها بل أخزى المشتكين عليها. فترك الخطأة ان يقتربوا منه لا بل خالطهم وأراد ان يُدعى مُحب العشارين والخطأة، بل من تشاهد منطرحاً على قدميه المقدستين متخذاً أياهما مأوى وملجأ ؟ .
أنك تشاهد المجدلية الخاطئة الشهيرة التي غفر لها بفعل واحد من محبته كل ما أرتكبت من الآثام وسببت من الشكوك. فيا أيتها المجدلية السعيدة لستِ انت التي خطوت الخطوة الأولى نحو هذا المعلم الألهي، بل هو الباديء الذي قرعَ باب قلبك وتوقع ان تأتي وتنطرحي على قدميه وتغسليهما بدموعكِ وتمسحيهما بشعر رأسكِ ، فقد غفر لكِ كثيراً لأنكِ أحببتِ كثيراً أو بالأحرى لأنه أحبكِ كثيراً.
أبدى المسيح عنايته حتى بالأطفال وهم غير قادرين ان يعرفوه ، لكنهم أنجذبوا اليه بمجرد وداعته، ولما أراد الرسل ان يطردوهم منعهم قائلاً : (( دعوا الصبيان يأتون اليّ )).
فباركهم وأحتضنهم ولاطفهم، اذا تركهم ابواهم أعتنى هو بهم. فأن نسيت الأم بنيها فهو لا ينساهم.
أفما رأيتَ كيف قبِلَ الأبن بنيها فهو لا ينساهم.
أفما رأيتَ كيف قبل الأبن الشاطر الذي انطرح على قدميه وقال لأبيه : (( لست أهلاً لأن أدعى لكَ إبناَ )) ؟ أما هو فبادر اليه وعانقه وضمه الى صدره والدموع تهطل من عينيه.
وحالما اظهر علامات الندم أعاد اليه حقوق الوراثة والأنعطاف الوالدي. جال هذا الراعي الصالح وهو يحسن وينعم فرأى حظيرته قد كثر مرضاها وثخنت جراحاتها وسكب عليها زيتاً وخمراً وأبراها.
فتح عيون العميان وشفى المقعدين، أبرأ العرج وشفى البرص.
بكت أم على وحيدها فتحنن قلبه عليها، لأنه يشعر بشدة الأوجاع التي تمزق قلبه الطاهر عندما تموت احدى النفوس بالخطيئة، فتقدم ولمس النعش وقال : (( ايها الشاب لكَ أقول قُم )) ثم دفعه الى امه. شاهِدهُ على قبر لعازر الذي دعاه حبيبه، فبكى عليه حتى ان اليهود لم يتمالكو ان صرخوا قائلين : أنظرو طيف كان يحبه. ( 11 : 36 ) .
وماذا تقول عن كيفية سلوكه مع تلاميذه انفسهم ؟ وبكم من الصبر الجميل احتملهم ؟ فقد خانه يهوذا ، أما هو فما زال يلقبه بأسم صاحب قائلاً : يا صاحب أبهذا أتيت ( متى 26 : 50 ) أنكره بطرس فألتفت اليه بلطف ودون ان يوبخه او يشكو منه، أبكاه بكاءاً مراً.
ونقول باجمال: ان حياة المخلص لم تكت إلا وداعة وحلما ومحبة للبشر .
خبر:
في احدى ليالي أعياد الميلاد دخل القديس هيرونيمس الملفان العظيم في بيت لحم وشرع بتأمل سر ولادة مخلص العالم، فظهر له بغته يسوع الطفل محفوفاً بأنوار بهية وألقى عليه نظرات سماوية تشف عن رقة عجيبة لا يتجرأ اللسان البشري ان يصف سموها، وجرت بينهما هذه المخاطبة المؤثرة وهي :
قال يسوع: ألا يا هيرونيمس، ماذا تعطيني في ميلادي ؟
فقال هيرونيمس: أيها الطفل الألهي ها أنا ذا اعطيك قلبي.
قال يسوع: حسناً، لكن هب لي شيئاً آخر.
قال هيرونيمس: أقدم إليك جميع صلواتي وعواطف قلبي المغرن بمحبتك المقدسة.
قال يسوع: حسناً … حسناً كل مالي وكل ما أنا عليه أهبك نفسي بجملتها يا حبيبي.
قال يسوع: أريد ان تعطيني شيئاً آخر.
قال هيرونيمس: لن يبقى لي شي آخر يا إلهي، فتناوا وقل لي اي شيء تريد ان اقدم إليك.
قال يسوع: ألا يا هيرونيمس اعطني خطاياك.
قال هيرونيمس: ماذا تروم يا الهي ان تفعل بها ؟
قال يسوع: أعطني خطاياك لأغفرها لك بكليتها .
قال هيرونيمس: آه يا ما ألطفك يا يسوع المحبوب، فأسمح لي ان أسكب على قدميك عبرات التعزية والفرح.
فهاجت إذ ذاك عواطف الحب في قلب القديس هيجاناً لا يوصف ولم يتمالك ان أفاض الدموع الغزيرة.
إكرام
كلما احاقت لك الأحزان من جراء خطاياك وكنت نادماً وتائباً عنها اذكر ان المسيح قد وفى عنها في شديد حبه لك واسمعه يقول لك قوله للمخلع : ثق يا بني مغفورة لك خطاياك ..
نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً)
يا قلب يسوع اني واثق بك.
اضف رد