يـحكى أن حاكم ايطالي دعا فنانا ً تشكيليا شهيرا و أمره برسم صورتين مختلفتين و متناقضتين عند باب اكبر مركز روحي فى البلاد..
امره أن يرسم… صوره ملاك و يرسم مقابلها صوره الشيطان؛ لرصد الاختلاف بين الفضيلة و الرذيلة ..
و قام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور.. وعثر على طفل بريء وجميل
تطل السكينة من وجهه الأبيض المستدير وتغرق عيناه في بحر من السعادة .. ذهب معه الى أهله و استأذنهم في استلهام صوره الملاك من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي؛ و بعد شهر أصبح الرسم جاهزا و مبهرا للناس؛ و كان نسخه من وجه الطفل ولم ترسم لوحه أروع منها في ذلك الزمان.
و بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صوره الشيطان و كان الرجل جادا في الموضوع؛ لذا بحث كثيراً …
و طال بحثه لأكثر من اربعين عاما !!!
و أصبح الحاكم يخشى ان يموت الرسام قبل ان يستكمل التحفه التاريخية؛
لذلك أعلن عن جائزة كبرى ستمنح لأكثر الوجوه إثارة للرعب؛
وقد زار الفنان السجون و العيادات النفسية و الحانات و أماكن المجرمين لكنهم جميعا ً كانوا بشرا ًو ليسوا شياطين..
وذات مره عثر الفنان فجاه على (الشيطان)
و كان عبارة عن رجل سيء يبتلع زجاجه خمر في زاوية ضيقه داخل حانه قذرة؛
اقترب منه الرسام وحدثه حول الموضوع.. و وعد بإعطائه مبلغ هائل من المال.. فوافق الرجل ..
و كان قبيح المنظر.. كريه الرائحة.. أصلع وله شعرات تنبت في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين!
و كان عديم الروح و لا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عال ٍو فمه خال ٍمن الأسنان؛
فرح به الحاكم لان العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنية الغالية؛
جلس الرسام أمام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً إليها ملامح (الشيطان !)
و ذات يوم التفت الفنان الى الشيطان الجالس أمامه و إذا بدمعه تنزل على خده !!
فاستغرب الموضوع و سأله إذا كان يريد ان يدخن أو يحتسي الخمر ؟
فأجابه بصوت اقرب الى البكاء المختنق؛
أنت يا سيدي زرتني منذ أكثر من اربعين عاما حين كنت طفلا صغيرا؛ و استلهمت من وجهي صورة الملاك وأنت اليوم تستلهم مني صورة الشيطان…
لقد غيرتني الأيام و الليالي حتى أصبحت نقيض ذاتي! بسبب أفعالي ..
و انفجرت الدموع من عينيه و ارتمى على كتف الفنان؛ و جلسا معا يبكيان أمام صورة الملاك …….
ان الله خلقنا جميعا حنفاء طاهرين على الفطرة ولكن نحن من يغير ويشوه الصورة الأصلية لنبدو كالشياطين!
اضف رد