في داخل حظيرة للخراف جلس أحد الرعاة يداعب احدى نعاج القطيع و قد أسندت رأسها على ساقه، و نظرت نحوه فى ود وحنان و لم يكن خافيا أن هذه النعجة الوديعة كانت مكسورة الساق، وهى تقاسي من جراء ذلك بعض الألم وكان واضحا أيضا أن الراعي يحب هذه النعجة كثيرا، و يعتني بها عناية فائقة، لكن الشئ الذي لا نعرفه هو أن هذه الساق لم تكسر في حادث، أو نتيجة اصابة خاطئة، بل ان الراعي نفسه هو الذى كسر ساق نعجته عمدا و مع سبق الاصرار!
يقول الراعي: كانت هذه النعجة شرودا جامحة دون باقي الخراف ! لم تكن تطيع لي أمرا، أو تسمع لي صوتا، أو تقبل مني تحذيرا!
انها نموذج للعصيان و التمرد! فبينما أسير بالقطيع في طريق آمنة اذ بهذه النعجة تجري في استهتار نحو مسالك منحدرة و هى اذ تعرض حياتها للهلاك فانها أيضا تضلل معها بعض رفاقها التي تتبعها، و تتأثر بها !
و لم يكن أمامي الا أن أهوي على ساقها بعصاي حتى أعوق اندفاعها، وارغمها على التريث و التروي و في ذلك اليوم الذى كسرت فيه ساقها، قربتها اليّ، وقدمت لها طعاما خاصا، وسهرت على علاجها وراحتها و ها هي الآن تعرف صورتي و تتابع حركتي، وتصحوا على وقع أقدامي، وعندما تشفى تماما ستصبح قائدة للقطيع فهي الآن أكثر الأغنام طاعة و حبا و تمسكا بي.
ان الله يسمح أحيانا بالمرض أن يضربنا أو بألوان مختلفة من الآلام أن تسطو علينا؛ حتى نخضع عند قدميه، و تتعلق أنظارنا به، و نسمع صوته و نعرفه انه يضر بنا حين يرى أننا نجمح بعيدا عن شاطئ الأمان، ونندفع نحو حتفنا دون أن ندري أن في تمردنا عليه هلاكاً أكيداً.
اضف رد