امتاز قلب يسوع الاقدس بفضيلة الوداعة، كما امتاز بفضيلة التواضع، ووداعته هذه كانت بادية على سيماء وجهه فجعلت القديس يوحنا المعمدان يشبهه من اول نظرة اليه بالحمل الوديع فقال عنه لتلاميذه:
“هوذا حمل الله” (يو 1 : 36)
بل هو ايضا نعت نفسه بهذا الاسم فقال: “وكنت انا كحمل وديع” (ارم 11 : 19).
والمعروف ان الحمل اشد الحيوانات حلما ووداعة وقد كان يسوع حليما منذ حداثته.
شاهده فتيان الناصرة فإفتتنوا برقة اخلاقه وعذوبة كلامه وسكون خاطره، بل وجدوا صحبته تنفي الحزن وتولي السلام فلم يدعوه الا بإسم العذوبة قائلين بعضهم لبعض: هلم نذهب الى العذوبة لنلقي الحزن من قلوبنا.
ولما ظهر يسوع بين الناس ظهرت معه ساطعة عذوبته الفائقة الوصف فقال عنه احد الكتبة الورعين: عذبا كان صوت يسوع، عذبا وجهه، عذبا اسمه، عذبة جميع افعاله.
وفي الحقيقة ان كلمة واحدة لا غير هي (اتبعني) جذبت اليه جماعة رسله الصيادين ومتى العشار فتركوا للوقت كل شيء وتبعوه.
بل الجموع ايضا من كل جنس وصنف تبعوه لاحقين به في البراري القفرة ليسمعوا تعاليمه العذبة التي كانت تقطر كالعسل من فمه وتبهج جميع السامعين اليه.
تعلقوا به تعلقا اشد من تعلق يوناثان بداؤد الملك، فتركوا بيوتهم وحقولهم ليكونوا مع يسوع لأن بيوتهم بدون يسوع كانت وحشة كالبراري ووحشة البراري مع يسوع تضحي بهجة عذبة وتتحول جنة غناء.
رأى يعقوب ويوحنا اخوه السامريين يهينون معلمها ويأبون قبوله في قريتهم فقالا له:
يا رب أتريد ان نقول فتنزل نار السماء فتفنيهم؟ فالتفت اليهما ونهرهما قائلا:
“لستما تعرفان من اي روح انتما، لأن ابن الانسان لم يأت ليهلك نفوس البشر بل ليخلص” (لوقا 9 : 56).
اضف رد