لسنا نملك سوى القليل من المعلومات عن حياة هذا الرّاهب العظيم وعن نشأته.
وحده المؤرّخ الكبير تاودور يطّوس، أسقف قورش في القرن الخامس، أعطانا بعض التفاصيل عن سيرة الرّاهب مارون في كتابه الرّهباني “Histoir Religieuse ” الذي وضعه حوالي سنة 440 ميلاديّة ويدعى أيضاً تاريخ أحبّاء الله، إلّا أنّه لم يذكر تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته، مكتفياً بالقول عنه أنّه ولد في القرن الرّابع، وأنّه كفّر بنفسه، على مثال الكثيرين من الرّهبان، وهجر العالم إلى شمالي سوريا، آنذاك.
مار مارون الآرامي السوري:
ناسك قدّيس انطلق من قرية أكدة قرب الحدود السوريّة مع تركيا التي كانت تدعى (كيتا) من حضن معلّمه الشّهير (زابينا) إلى بلدة (نيارا) القريبة من (اعزاز) حيث تنسّك مع صديقه داميانوس في كوخ على بيدرها، وصولاً إلى (كفر نبو) منطلق حضوره وتبشيره وانقضاضه على التّماثيل الوثنيّة وبناء كنيسته وصولاً إلى مدفنه في (براد).
تنسّك في قورش قرب حلب في شمال سوريا. ينتسب إليه المسيحيّون الموارنة.
بني ديراً باسمه على نهر العاصي قرب قلعة المضيق في سوريا. يروى أن 350 من أتباعه قتلوا لرفضهم مقولة الطبيعة الواحدة في المسيح.
دمرّ ديره الإمبراطور يوستينيان الثاني سنة 694 للسبب نفسه.
– مار يوحنّا مارون (اول بطريرك ماروني من تلاميذة مار مارون) اضطُّر مار يوحنا مارون وتلاميذه إلى الهجرة إلى لبنان بسبب الإضطهاد الذي ألحقتهم به الجيوش الرومانيّة والإسلاميّة.
فانتقل إثر ذلك الكرسي البطريركي إلى كفرحي البترون حيث شُيِّد دير (ريش مرو ومعناه رأس مارون) لتوضع فيه جمجمة مار مارون فيما بعد.
– لقد شغف الرّاهب مارون بالسيّد المسيح، وقرّر التسلّق إلى سلّم الكمال.
فصعد إلى قمّة جبل من جبال أبرشيّة قوروش، وسكن أنقاض هيكل للأصنام، محوّلاً إيّاه إلى بيت صلاة وتضرّع قاضياً فيه حياة نسكيّة أشدّ قساوة من حياة باقي إخوانه الرّهبان وما لبثت شهرته أن اجتذبت جميع أولئك المتعطّشين إلى الكمال المسيحي، فلحقوا به، مقتفين خطاه لأنّهم رأوا فيه المثال الحي والمرشد الروحي الخبير، مشاطرينه العزلة والمنسك وقد تخرّج من مدرسته النسكيّة تلاميذ كثيرون.
– مار يوحنّا مارون هو راهب من دير مار مارون وأسقف البترون وجبل لبنان. انتُخب أوّل بطريرك على الكنيسة المارونيّة خلال النصف الثّاني من القرن السّابع بعد المسيح (حوالي 686 م) عندما أصبح الكرسي الإنطاكي شاغراً.
وهو أوّل بطريرك ماروني على إنطاكية والثّالث والستّون بعد القديس بطرس الذي أسّس الكرسي الإنطاكي في القرن الأوّل بعد المسيح.
فبهذا العمل كانت بداية تنظيم وبناء الكنيسة المارونيّة على الصّعيد الكنسي والوطني والإجتماعي.
– مات القديس مارون في أوائل القرن الخامس على الأرجح تقدّر سنة 405 أو 423 مسيحيّة، وراح سكّان القرى المجاورة يتنازعون جثمانه ليحفظوه ذخيرة في كنيستهم، إلى أن كانت الغلبة للبلدة الأكثر عدداً والأقوى مراساً والأشدّ نفوذاً، فشيّدت على اسمه كنيسة ضمّت جثمانه، ولم تلبث أن أصبحت مزاراً يحجّ إليه المؤمنون من كلّ حدب وصوب.
وفي سنة 452 بنى الامبراطور مارسيانوس، في جوار أفاميا، عاصمة سوريا الثّانية، ديراً كبيراً على اسم القدّيس مارون ليسكن فيه تلاميذه الكثر.
فكان هذا الدّير مهد الكنيسة المارونيّة.
اضف رد