يعلمنا يوحنا الأنجيلي ان المسيح جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله.
(يو 1 : 11) ولم تعرف انه المسيح الموعود به، وحيد الأب وابنه الأزلي. لأن هذه المعرفة هي هبة من لدن الله لا يدركها الأنسان بعقله بل بنعمة فائقة الطبيعة وبنور الوحي الألهي، كما يتضح من شهادة ربنا يسوع نفسه لشمعون بطرس إذ عرف قبل الجميع ان المسيح هو أبن الله الحي فقال له إذ ذاك (( طوبى لك يا شمعون بريونا ان اللحم والدم لم يكشفا لك ذلك لكن أبي الذي في السماوات )) ( متى 16 : 17)
والآن ايضاً كثير من المسيحين لا يعرفون المسيح حق معرفته، لا يعرفون غير اسمه دون علم بصفاته وكمالاته التي تحببه الى الناس ولذا تراهم بعيدين عن الله محرومين من محبته لا يشعرون في ديانتهم وعبادتهم بذاك الشعور العذب الذي يجعلهم يتمسكون بديانتهم ويقدمونها على كل ديانة اخرى.
وكذلك يمكننا ان نقول عن عبادة قلب يسوع الأقدس، كثيرون لا يعرفونها حق معرفتها ولذا لا يعرفون ان يغترفو من كنوزها الخيرات التي فيها ولا سيما محبة الله فوق كل شي ، لأن معرفة هذه العبادة نحصل عليها بنعمة خصوصية من لدن ابي الأنوار وهذه النعمة يجب ان نطلبها بصلواتنا اليومية ولا سيما في هذا الشهر.
فالصلاة هي الوسيلة الأولى للحصول على محبة يسوع المضطرمة وعلى عبادة قلبه الحقيقية. وهي علامة الأرتداد الى الله. فلنصلّ اذن بثقة وايمان وخشوع وادمان.
قال سليمان الحكيم : (( حالما بادرت ملتجئاً الى الله اعطاني الحكمة ))، وقال الرب نفسه للقديسة بريجيتا ( ايطاليا 1303 – 1381 ): ((إننا ان صلينا بالتأهب الكامل والأستعداد التام اعطانا الله اكثر مما نطلبه ومنحنا اكثر مما نتمناه بل اعطانا ذلك في كل ساعة ودقيقة)).
فما نقول اذن في الصلاة التي نوجهها الى ربنا يسوع المسيح لكي ننال منه محبة قلبه الأقدس ؟ حقاً انها لذيذة ومقبولة لديه جداً. فلنبتهل اليه ولنطلبها منه بتذلل ومن المحال ان يردنا خائبين.
خبر:
يروى ان سيداً شريفاً زار ذات يوم راهباً وقصّ عليه احواله السيئة التي أوصله اليها ضعف تربيته لأبنته الوحيدة بعد وفاة والدتها، فأنها تسلطت عليه واخذت تعامله معاملة السيد الغريب لا معاملة أب، إذ لم يكن لها رغبة إلا في الملاهي الدنيوية وتبديد ثروته في الأزياء الحديثة وغيرها من الأباطيل.
فذات يوم أنحرف مزاجها فطلب أبوها بالحاح الى الراهب ان يأتي لزيارتها. فوجد الراهب هذه الفرصة سانحة ليريها الحقائق فقال لها: اعلمي يا فتاة انك اذا واصلتِ سيركِ في طريقكِ هذا انتهيت الى الجحيم. فأمتعضت الفتاة من هذا الكلام وأجابت الراهب : أني لا أريد موعظتك. اني شريفة النسب وغنية وشابة ولا رغبة لي البتة في أن أحيا حياة راهبة.
أجاب الراهب: أني لعالم بأن ليس لدي أدنى حق في ان افرض عليكِ شيئاً، ولكن أبوسعكِ ان ترفضي عليّ سؤالاً ما ؟
أجابت: قل ماذا تطلب.
قال الراهب : أني اريد ان تعديني وعداً سهلاً جداً.
أجابت: وماهو ؟ أني لا أمتنع عنه اذا كان سهلاً كما تقول.
فأخذ إذ ذالك الراهب من كتاب صلاة الفرض صورة صغيرة لقلب يسوع الأقدس وقال للفتاة: كل ما أطلبه هو ان تقولي كل يوم صباحاً لمدة تسعة أيام متوالية (( المجد للآب )) امام هذه الصورة وانت راكعة.
فأمتقع لون الفتاة من هذا الكلام واخذت الصورة قائلة: نعم اني افعل ذلك. وكانت النعمة قد بدأت تغير قلبها العاصي.
وفي الغد جاء الوالد عند الراهب وقال له: ماذا حدث أمس بينك وبين أبنتي، فمنذ ذهابك عنها لم تزل راكعة تذرف الدموع ؟ فأجاب : هذا عمل قلب يسوع الأقدس.
وفي ذلك المساء ذهبت الفتاة واعترفت بجميع خطاياها. وبعد مدة شهر أستلم الراهب رسالة طافحة بالشكر من التي خلصها وأعلمته بأنها هجرت الدنيا ودخلت الدير. وبعد سنة ونصف أستلم الراهب رسالة اخرى اجمل من الأولى كتبتها الفتاة يوم جهرت بنذورها الرهبانية.
فيا لها نفس مغبوطة لا تحب الآن غير قلب يسوع الأقدس وفيه وجدت السعادة الراهنة.
إكرام:
التجيء كل يوم من هذا الشهر الى قلب يسوع الأقدس وأسأله بأخلاص ان يضرم نيران حبه الألهي في قلبك.
نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً)
يا قلب يسوع الحلو زدني حباً لك كل حين.
اضف رد