اليوم السابع عشر ( تأمل مفاعيل التناول العجيبة):
وكذلك يمكننا ان نقول عمن يحسن تناول القربان المقدس فأنه يشعر بحرارته ومفاعيله التي لا تقف عند منعنا عن الخطيئة، بل تحول حياتنا كلها فنصير أبناء الله، كما يتحول الخبز بكلمات التقديس الى جسد يسوع المسيح نفسه وهذا التحويل يكون خاصة في عقولنا وارادتنا وقلبنا وشهوتنا الحسية. فالعقل يتغير بالأنوار السماوية والعلوية التي يفيضها علينا التناول، فتزيح ظلمات الجهل وأضاليل الشهوات وترينا الحق حقاً والباطل باطلاً.
والإرادة تتغير بالقوة التي يخولنا اياها التناول لنقهر عاداتنا السيئة ونظفر بالفضائل المخالفة لها. والقلب يتغير بالتناول لأنه يجعله يقمع الشهوات الرديئة ويرفع عواطفنا عن محبة الأرضيات والخلائق وبنقلها الى محبة الخيرات السماوية. والشهوة الحسية تتغير بالتناول لأنه يطفnء نيرانها لا دفعة واحدة بل تدريجياً وبقدر ما تزيد المحبة، بموجب قول القديس أوغسطينس: ((كلما ارتفعت المحبة الى فوق هبطت الشهوة الى أسف وبادت)).
هذه هي مفاعيل التناول العجيبة التي نشاهدها في القديسين الذين كانو في اول امرهم ضعفاء ناقصين فأضحوا أشداء أقوياء ، وكانو أرضيين وخشني الأخلاق والطباع فأضحوا روحانيين وديعين. فاذا كان الأمر كذلك فلماذا نرى الآن كثيراً من المؤمنين يتناولون بإستمرار ومع ذلك لا يتغيرون ولا يصطلحون؟ إنهم لا يتغيرون لأنهم لا يحسنون التناول ولا يفهمون مقاصدهُ، فإن يسوع يأتي اليهم ليقدسهم، وهم لا يريدون القداسة بل البقاء على رذائلهم وخطاياهم. لا يتناولون لكي ينموا في محبة يسوع فتضعف شهواته يوماً فيوماً بل يتناولون كما يتناولون طعاماً مادياً بدون نية ان يصلحوا سيرتهم ويغيروا عاداتهم الذميمة. وعلى هذه النفوس كان قلب يسوع الأقدس يُكلم القديسة مرغريتا مريم غالباً ويقول لها:
((أبكي ونوحي دائماً لأن دمي يسكب باطلاً على كثيرين يكتفون بقطع الحشيش الخبيث المرتفع في قلوبهم ولا يريدون ان يقلعوا اصوله)). فكم من تناولات تعدها جيدة وهي في حكم الله غير ذلك ، وقد تكون لشجبنا لا لخلاصنا الأبدي.
خبر:
ان القديسة أيملدة لمبرتيني من رهبانية القديس عبدالأحد، أمتازت منذ حداثتها بحب شديد ليسوع عروسها السماوي، وإذ علمت انه موجود حقاً في القربان المقدس كان شوقها الى قبوله يشتد يوماً بعد يوم، ولا سيما عند مشاهدتا أخواتها الراهبات يتناولنه، ومع ذلك لم تأذن لها رئيسة الدير بأن تقترب من المائدة المقدسة لصغر سنها.
ولكن من يقدر ان يمسك يد الله عن العطاء متى أراد ان يجزل احساناته لنفس طاهرة. ففي عيد الصعود بينما كانت الراهبات يذهبن الواحدة تلو الأخرى ليتناولن، وكانت أيملدة وحدها بعيدة عن المائدة المقدسة أستطاعت بكثرة تنهداتها وصلواتها ان تقرب الله منها، فنزل قربان من السماء على مشهد من جميع الراهبات المتعجبات ووقف على رأس أيملدة. ففهم الكاهن إذ ذاك ارادة الله، فجاء وأخذ القربان المقدس وناول الفتاة أيملدة. فلم يسعها هذه الفتاة المغبوطة ان تهبط فرحها فأطبقت عينيها وطارت نفسها الى الأخدار السماوية.
إكرام:
ليكن تناولك للقربان المقدس وقبولك ليسوع في قلبك بشوق حميم، ليقلع منه محبة الأرضيات وأباطيل الدنيا ويثبتك في محبته.
نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً):
يا قلب يسوع الأقدس أرويني من دسم بيتك ومن بحر لذاتك أسقني. (مز 35 : 6).
اضف رد