اليوم السابع (تأمل في تواضع قلب يسوع الأقدس):
إن التواضع يعده الناس جبانة ومسكنة، وهو في حكم الله فضيلة سامية القدر ترفع الانسان الى أوج المجد والعظمة.
ويؤيد كلامنا هذا روح القدس نفسه بقوله في كتابه المقدس : (( من يضع نفسه يرتفع ومن يرفع نفسه يتضع )) (لو 14 : 11).
وضعت مريم العذراء نفسها فرفعها الله الى أسمى منزلة في السماء وعلى الأرض.
ارتفعت مدينة كفرناحوم الى السماء فهبطت الى الجحيم (لو 10 : 15).
فالتواضع اذن مرقى الفضيلة والعظمة وسُلم المجد الأبدي. ولذا لما جاء ربنا يسوع الى عالمنا ليخصلنا، جاءنا بطريق التواضع (( فأخلى نفسه ووضعها في سر التجسد مع انه كان صورة الله وشبيهاً له، فأخذ صورة عبد وصار في شبه الناس فوجد في الشكل مثل الأنسان )) (فيلبي 2 : 6 – 7)، ولم يشأ حياته كلها ان يتميز عن الانسان وهو أبن الله ورب الأجناد السماوية، بل أحصى نفسه مع الخطأة فطلب معموذية التوبة من يوحنا وكان في تواضعه يخدم تلاميذه عوض ان يخدموهُ (متى 20 : 28)، بل انتهى في تواضعه الى غسل ارجلهم، فتعجب بطرس من هذا التواضع العميق فأبى ان يغسل له معلمه قدميه كما أبى يوحنا ان يعمدهُ (يو 13 : 8).
هذا ما انتهى اليه تواضع ربنا يسوع، وبهذا التواضع قرب الانسان منه وعلمه طريق الرفعة الحقيقية وهي القداسة، فلا يرتفع انسان في القداسة إلا بالتواضع على مثال قلب يسوع الأقدس.
كان للقديس فرنسيس الأسيزي ( ايطاليا 1181 – 1226) راهب يدعى لاون اتخذه رفيقه في أسفاره وأمين أسراره ومرشده الروحي. فذات شتاء قارس كان كلاهما يسيران من بيروزة الى كنيسة ((سيدة الملائكة)) وكان الأخ لاون يتقدم القديس فرنسيس غارقاً في التأمل.
فناداه القديس قائلاً: (( أيها الأخ لاون ليت جميع الأخوة الصغار يكونون للعالم كله قدوة صالحة، ولكن أعلم ايها العزيز ان ليس في ذلك الفرح الكامل)).
ثم قال بعد خطوات قليلة: (( أيها الأخ لاون ، اذا طرد الأخوة الصغار الشياطين و أطلقوا ألسنة البكم وأقامو الموتى، فليس في ذلك الفرح التام )).
وبعد مسافة قليلة أردف قائلاً: (( أيها الأخ لاون اذا عرف الأخوة الصغار كل اللغات والعلوم وأعطوا موهبة النبوة وتمييز الأرواح فليس في ذلك الفرح الكامل)).
وبعد خطوات آخر صاح قائلاً: (( أيها الأخ لاون، هبّ ان الأخوة قدروا بمواعظهم ان يهدوا الى الايمان المسيحي جميع الشعوب الوثنية، فأعلم مع ذلك ان ليس في هذا الفرح التام )).
وفي الآخر سأله الأخ لاون متعجباً وقائلاً : أيها الأب أسألك باسم الله ان تقول لي على اي شيء يقوم اذن الفرح الكامل ؟)).
أجابه القديس اذ ذاك قائلاً : (( إذا وصلنا الى الكنيسة مبلولين وجائعين ومرتجفين من البرد وطردنا البواب قائلاً إذهبا من هنا انكما عبدان بطلان تخدعان الناس وتسرقان منهم الصدقات وتركنا الليل كله على الباب وأحتملنا هذه الأهانة بسلام وصبر مفتكريرن بأننا نعامل بحسب استحقاقنا وشاكرين الله ، فأعتقد أيها الأخ لاون ان في هذا اليوم يقوم الفرح الكامل لأن أفخر العطايا والمواهب هي التألم بفرح حباً لله.
إكرام:
إن أصابتك إهانة من إنسان فأقبلها، فأنها تفيدك خيرا من ألف مديح.
نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً)
يا يسوع الوديع والمتواضع القلب أجعل قلوبنا نظير قلبك الأقدس.
اضف رد