تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الثاني والعشرون

تأمل في العمل حسب ارادة الله

اليوم الثاني والعشرون (تأمل في العمل حسب ارادة الله):

من أحب الله أحب ارادته المقدسة ايضاً وخضع لها في كل أمر وان شقَ عليه هذا الأمر وصعب، لأن ارادة الله هي قداستنا (1 تسا 4 : 3).
أما ارادتنا فتطلب دائماً ما يخالف القداسة ويناقضها ويرضي الجسد وأهواءه.
فالعمل اذن بأرادتنا ضلال يبعدنا عن القداسة ويقودنا الى الهلاك الأبدي، أما العمل بإرادة الله في كل حين فيرشدنا الى كل بر وصلاح وقداسة.
وهذا ما أراد ربنا يسوع ان يعلمنا ويُفهمنا اياه بخضوعه هو أولاً لإرادة أبيه السماوي في كل أمر وفي كل حين حتى موته على الصليب.
تخلف يسوع ذات يوم عن أبويه في هيكل أورشليم، ولما عاتباهُ عن تغيبه هذا عنهما وقد عذب نفسهما قال لهما:
((ألم تعلما انه ينبغي ان أكون في ما لأبي ، ثم نزل معهما وكان يخضع لهما)) (لو 2 : 49 – 50)، وواصل خضوعه هذا في حياته كلها فلم يفعل شيئاً بمجرد ارادته بل كان طائعاً لإرادة أبيه السماوي، كما صرح لنا بذلك مراراً عديدة فقال: ((طعامي أنا أن اعمل مشيئة من أرسلني وأتم عمله)) (يو 4 : 43)، واني نزلت من السماء ليس لأعمل بمشيئتي بل بمشيئة من أرسلني (يو 6 : 38)، وفي بستان الزيتون لما فرغ من ذكر الموت ومن العذابات المعدة له أراد ان تعبر عنه هذه الكأس الشديدة المرارة ولكنه قدم ارادة أبيه على ارادته الذاتية فقال ثلاث مرات:
((يا ابتاه ان كان يستطاع فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كإرادتي بل كإرادتكَ)) (متى 26 : 39).
فإن كان الرب يسوع قد أحبنا وبينَ لنا محبته هذه بطاعته الى الموت وجب علينا كذلك ان نبين لهُ محبتنا بخضوعنا لإرادته المقدسة وحفظنا وصاياهُ وشرائع كنيستهِ.
فالطاعة لإرادة الله في جميع الأمور هي الدليل الأكيد على محبتنا له كما أكد لنا ذلك هو نفسه بقوله لنا:
((إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي. من كانت عنده وصاياي وحفظها فذاك هو الذي يحبني. من يحبني يحفظ كلمتي)) (يو 14 : 15 و 21).

خبر:

جاء في حياة القديس مكاريوس المصري انه بعد ان صرف سنين كثيرة في الحياة النسكية حتى بلغ فيها الى درجة سامية من الكمال أهلته لقبول موهبة صنع العجائب.
فسمع ذات يوم صوتاً من السماء يقول لهُ: ((مكاريوس انك لم تصل بعد في كمالك الى فضيلة أمرأتين عائشتين معاً في المدينة المجاورة لك)) وإذ كان القديس يعد ذاته أحقر الكل وأنقص من الكل لم يتعجب من هذا الصوت السماوي، لكنه أراد ان ينتفع منه، فقام وطلب المرأتين، ولما وجدهما سألهما عن كيفية حياتهما.
فأجابتاهُ: ليس في حياتنا شيء خارق العادة ونحن عائشتان بمقتضى واجباتنا بلا تقصير.
فلم يكتفِ الناسك القديس بهذا الجواب بل ألح عليهما بالسؤال طالباً منهما ان تفصلا له كلامهما و تشرحا له أعمالهما الصالحة الإعتيادية.
فأجابتاهُ إذ ذاك قائلتين: اننا أمرأتان غريبتان لا قرابة بيننا غير اننا قد تزوجنا أخوين نسكن معهما في بيت واحد منذ خمس عشرة سنة، وفي كل هذه المدة لم يوبخنا ضميرنا على مشاجرة بيننا او كلام غير لائق، وقد طلبنا غالباً من رجلينا ان يأذنا لنا بالذهاب الى أحد الأديار، فلم يجيبا الى طلبتنا، فخضعنا إذ ذاك لإرادة الهنا ووعدناهُ بأن نقضي بقية أيام حياتنا في بيتنا هذا ونعيش فيهِ كأننا في دير من دون ان نبحث عن أمر من أمور العالم، واننا بعونه تعالى قد حفظنا حتى الآن عهودنا للرب الهنا.
فرجع الناسك القديس الى مسكنه مستفيداً ومباركاً الرب الذي لا يلتفت الى اختلاف الأحوال بين الناس بل يفيض نعمه وروحه على كل صنف منهم.

إكرام:

انظر في جميع الحوادث ارادة الله وأخضع بطيبة نفس متيقناً ان الله لا يريد بجميع حوادث الزمان سوى خيرك وخلاص نفسك.

نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً):

يا قلب يسوع ان تعزيتي في احزاني هي خضوعي لإرادتك المقدسة.

 

Comments

comments

  • تأمل في العمل حسب ارادة الله

    تأملات شهر قلب يسوع الاقدس – اليوم الثاني والعشرون

    اليوم الثاني والعشرون (تأمل في العمل حسب ارادة الله):

    من أحب الله أحب ارادته المقدسة ايضاً وخضع لها في كل أمر وان شقَ عليه هذا الأمر وصعب، لأن ارادة الله هي قداستنا (1 تسا 4 : 3).
    أما ارادتنا فتطلب دائماً ما يخالف القداسة ويناقضها ويرضي الجسد وأهواءه.
    فالعمل اذن بأرادتنا ضلال يبعدنا عن القداسة ويقودنا الى الهلاك الأبدي، أما العمل بإرادة الله في كل حين فيرشدنا الى كل بر وصلاح وقداسة.
    وهذا ما أراد ربنا يسوع ان يعلمنا ويُفهمنا اياه بخضوعه هو أولاً لإرادة أبيه السماوي في كل أمر وفي كل حين حتى موته على الصليب.
    تخلف يسوع ذات يوم عن أبويه في هيكل أورشليم، ولما عاتباهُ عن تغيبه هذا عنهما وقد عذب نفسهما قال لهما:
    ((ألم تعلما انه ينبغي ان أكون في ما لأبي ، ثم نزل معهما وكان يخضع لهما)) (لو 2 : 49 – 50)، وواصل خضوعه هذا في حياته كلها فلم يفعل شيئاً بمجرد ارادته بل كان طائعاً لإرادة أبيه السماوي، كما صرح لنا بذلك مراراً عديدة فقال: ((طعامي أنا أن اعمل مشيئة من أرسلني وأتم عمله)) (يو 4 : 43)، واني نزلت من السماء ليس لأعمل بمشيئتي بل بمشيئة من أرسلني (يو 6 : 38)، وفي بستان الزيتون لما فرغ من ذكر الموت ومن العذابات المعدة له أراد ان تعبر عنه هذه الكأس الشديدة المرارة ولكنه قدم ارادة أبيه على ارادته الذاتية فقال ثلاث مرات:
    ((يا ابتاه ان كان يستطاع فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كإرادتي بل كإرادتكَ)) (متى 26 : 39).
    فإن كان الرب يسوع قد أحبنا وبينَ لنا محبته هذه بطاعته الى الموت وجب علينا كذلك ان نبين لهُ محبتنا بخضوعنا لإرادته المقدسة وحفظنا وصاياهُ وشرائع كنيستهِ.
    فالطاعة لإرادة الله في جميع الأمور هي الدليل الأكيد على محبتنا له كما أكد لنا ذلك هو نفسه بقوله لنا:
    ((إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي. من كانت عنده وصاياي وحفظها فذاك هو الذي يحبني. من يحبني يحفظ كلمتي)) (يو 14 : 15 و 21).

    خبر:

    جاء في حياة القديس مكاريوس المصري انه بعد ان صرف سنين كثيرة في الحياة النسكية حتى بلغ فيها الى درجة سامية من الكمال أهلته لقبول موهبة صنع العجائب.
    فسمع ذات يوم صوتاً من السماء يقول لهُ: ((مكاريوس انك لم تصل بعد في كمالك الى فضيلة أمرأتين عائشتين معاً في المدينة المجاورة لك)) وإذ كان القديس يعد ذاته أحقر الكل وأنقص من الكل لم يتعجب من هذا الصوت السماوي، لكنه أراد ان ينتفع منه، فقام وطلب المرأتين، ولما وجدهما سألهما عن كيفية حياتهما.
    فأجابتاهُ: ليس في حياتنا شيء خارق العادة ونحن عائشتان بمقتضى واجباتنا بلا تقصير.
    فلم يكتفِ الناسك القديس بهذا الجواب بل ألح عليهما بالسؤال طالباً منهما ان تفصلا له كلامهما و تشرحا له أعمالهما الصالحة الإعتيادية.
    فأجابتاهُ إذ ذاك قائلتين: اننا أمرأتان غريبتان لا قرابة بيننا غير اننا قد تزوجنا أخوين نسكن معهما في بيت واحد منذ خمس عشرة سنة، وفي كل هذه المدة لم يوبخنا ضميرنا على مشاجرة بيننا او كلام غير لائق، وقد طلبنا غالباً من رجلينا ان يأذنا لنا بالذهاب الى أحد الأديار، فلم يجيبا الى طلبتنا، فخضعنا إذ ذاك لإرادة الهنا ووعدناهُ بأن نقضي بقية أيام حياتنا في بيتنا هذا ونعيش فيهِ كأننا في دير من دون ان نبحث عن أمر من أمور العالم، واننا بعونه تعالى قد حفظنا حتى الآن عهودنا للرب الهنا.
    فرجع الناسك القديس الى مسكنه مستفيداً ومباركاً الرب الذي لا يلتفت الى اختلاف الأحوال بين الناس بل يفيض نعمه وروحه على كل صنف منهم.

    إكرام:

    انظر في جميع الحوادث ارادة الله وأخضع بطيبة نفس متيقناً ان الله لا يريد بجميع حوادث الزمان سوى خيرك وخلاص نفسك.

    نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً):

    يا قلب يسوع ان تعزيتي في احزاني هي خضوعي لإرادتك المقدسة.

     

    Comments

    comments

  • ام المعونة الدائمة

    اليوم الخامس والعشرون من الشهر المريمي

    تسليم ارادتنا لله:

    ان مختلف الصلوات التي نرفعها الى الله وقديسيه، اكانت صلوات طقسية ام الصلوات التقوية الفردية، تنتهي كلها بكلمة الختام وهي ((آمين)) التي تعني ((هكذا فليكن)).
    اي اننا في ختام صلواتنا نسلم ارادتنا لله كليا ً اذ نقول هكذا فليكن يارب.
    ان هذه الكلمة البسيطة تعبر عن امرين: اولهما أمل متواضع في نفوس المصلين في ان يستجيب الله لصلواتهم وطلباتهم، وثانيهما تسليم ارادة المصلين لارادة الله السامية، فالله يعرف احتياج البشر قبل ان يطلبوا فيستجيب لهم كما يحسن لديه.
    وفي الحالتين فاننا نتصرف على مثال مريم التي قالت للملاك جبرائيل: ((ها انذا امة الرب فليكن لي كقولك)).
    انها كلمات الثقة والايمان والاستسلام التام لمشيئة الله.

    من الضروري جدا ً في حياتنا ان نتوجه دائما ً بالصلاة الى الرب، ونضع انفسنا ومن يحيط بنا واعمالنا تحت انظاره الابوية بكلمة ((آمين)) نابعة من القلب، وكلها ثقة وامل وحب وايمان.
    وهو الاب الرحوم الذي يمنح عطايا صالحة لا بنائه لن يهملنا ولن يتوانى عن تلبية طلباتنا وتحقيق آمالنا.

    خبر:

    كان في روما عام 1846 مقعد اتخذ له زاوية امام كنيسة العذراء ((ام المعونة الدائمة)) يقبع فيها، ومن مكانه كان يلتمس الشفاء من مرضه.
    وفي احد الايام توجه بالصلاة الى مريم البتول مخاطبا ً بكل دالة بنوية قائلا ً: لقد طال انتظاري يا عذراء، واملي عظيم برأفتك، فخذي عكازتي يا حنونة، اني لن اغادر هذا المقام حتى تردي لي القوة والصحة.
    استجابت مريم لذلك الطلب الصادر من اعماق قلب المقعد المسكين عن ثقة وايمان حي، فحدثت المعجزة ونال الشفاء التام، فقام في الحال وقد استفزه الفرح، ودخل الى الكنيسة ليشكر ام المعونة الدائمة التي استجابت لصلاته وهرعت لنجدته فشفته من عاهته.
    وانتشر خبر الاعجوبة في ارجاء المدينة، فتقاطرت الجماهير افواجا ً وزرافات واحاطوا به من كل جانب، ما بين ذارف الدموع وهاتف جذل، ودخلوا الى الكنيسة يرفعون اناشيد المديح والشكر للام البتول التي لا تخيب سائلا ً ابدا ً.

    اكرام:

    سلم ارادتك دائما ً لله في السراء والضراء فهو أب رحوم.

    نافذة:

    لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.

    ومن ثم تتلى صلاة الوردية كاملة من البسملة والى الخاتمة.

    Comments

    comments

Facebook Comments

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>

صلاة روحية

يا رب أفتح فمي، لأبارك اسمك القدوس، وطهر قلبي من كل طيشٍ مُضر. أنر عقلي، وأضرم قلبي بنار محبتك.

اعلان

Facebook

StatCounter - Free Web Tracker and Counter
Close