اليوم الثامن (تأمل في وداعة قلب يسوع الأقدس)
امتاز قلب يسوع الأقدس بفضيلة الوداعة، كما امتاز بفضيلة التواضع، ووداعته هذه كانت بادية على سيماء وجهه فجعلت القديس يوحنا المعمدان يشبهه من اول نظرة اليه بالحمل الوديع فقال عنه لتلاميذه (( هوذا حمل الله)) ( يو 1 : 36) بل هو ايضاً نعت نفسه بهذا الأسم فقال: (( وكنتُ انا كحمل وديع )) ( ارم 11 : 19).
والمعروف ان الحمل أشد الحيوانات حلماً ووداعة. كان يسوع حليماً منذ حداثته، شاهده فتيان الناصرة فأفتتنوا برقة أخلاقه وعذوبة كلامه وسكون خاطره، بل وجدوا صحبته تنفي الحزن وتولي السلام فلم يدعوه إلا بأسم العذوبة قائلين بعضهم لبعض: هلم نذهب الى العذوبة لنلقي الحزن من قلوبنا. ولما ظهر يسوع بين الناس ظهرت معه ساطعة عذوبته الفائقة الوصف فقال عنه احد الكتبة الورعين: عذباً كان صوت يسوع، عذبأً وجهه، عذباً اسمه، عذبة جميع افعاله.
وفي الحقيقة ان كلمة واحدة لا غير هي (( أتبعني )) جذبت اليه جماعة رسله الصيادين ومتى العشار فتركوا للوقت كل شيء وتبعوه، بل الجموع ايضاً من كل جنس وصنف تبعوه لاحقين به في البراري القفرة ليسمعوا تعاليمه العذبة التي كانت تقطر كالعسل من فمه وتبهج جميع السامعين اليه. تعلقوا به تعلقاً أشد من تعلق يوناتان بداؤد الملك، فتركو بيوتهم وحقولهم ليكونوا مع يسوع لأن بيوتهم بدون يسوع كانت وحشة كالبراري ووحشة البراري مع يسوع تضحي بهجة عذبة وتتحول جنة غناء.
رأى يعقوب ويوحنا اخوه السامريين يهينون معلمها ويأبون قبوله في قريتهم فقالا له: يا رب أتريد ان نقول فتنزل نار السماء فتفنيهم ؟ فألتفت اليهما ونهرهما قائلاً : لستما تعرفان من اي روح أنتما، لأن أبن الأنسان لم يأتِ ليهلك نفوس البشر بل ليخَلّصْ ( لوقا 9 : 56).
وفي الحقيقة كم من خطايا يفعلها الناس كل يوم بدون خوف وبلا مبالاة بأهانة الله. ومع ذلك نراهُ تعالى يفضل الرحمة على العقاب وينتظر توبتنا ليغفر لنا خطايانا. فالوداعة هي التي تحببنا الى الناس كما ان الحدة تجعلنا مكروهين لديهم.
خبر:
جاءت في حياة القديسة جرترودة ( 1264 – 1334 )، انها قصدت ذات صباح قصداً لتنجزهُ في نهارها، غير انها عند المساء شاهدت انها خالفت قصدها ذاك سبع مرات، فخشيت ان تذهب لزيارة يسوع معلمها الألهي لتتكلم معه كعادتها. فناداها يسوع وقال لها: ما سبب انسحابكِ عني يا جرترودة، وماذا جرى لكِ ؟ أجابته جرترودة وجلة خجلة: يا رب ها أنا ذا قد أهنتكَ سبع مرات في هذا النهار. فقال لها يسوع هذا القول المملوء جودة وعذوبة: يا جرترودة إني أنسى، إني أغفر، إني لا أحسب.
إكرام:
لازم السكوت في اثناء غضبك، فأنه يقيك من نتائج وخيمة.
نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً):
لا توبخني يا رب بغضبك، ولا تؤدبني برجزك ( مز 37 : 2)
اضف رد