اليوم التاسع عشر (تأمل في ان محبة يسوع لا تكون بدون محبة القريب والأحسان إليه):
ان شئنا ان نرى في حياتنا الأيام الصالحة التي تعدنا بها عبادة قلب يسوع الأقدس لا يكفي ان نحيد عن الشر باجتنابنا الخطيئة ، بل يجب علينا علاوة على ذلك ان نصنع الخير ونحسن الى قريبنا الذي جعله الله بمنزلة نفسه فقال لنا: ((ان ما تفعلونه بأحد إخوتي الصغار فبيّ تفعلونه)) (متى 25 : 40).
وجعل محبة القريب بعد محبته بل جعلها شبيهة بمحبته فقال لمعلم الشريعة الذي سأله عن أعظم الوصايا: ((ان الوصية الأولى العظيمة هي ان تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك، والثانية تشبهها وهي ان تحب قريبك مثل نفسك. في هاتين الوصيتين سائر الناموس والأنبياء معلقون)) (متى 22 : 37 – 40).
فلم يكتف ربنا يسوع بأن يحبنا بل أوصانا ايضاً بأن يحب أحدنا الآخر كما أحبنا هو (يو 15 : 12).
فمن أراد أن يحب الله من دون ان يحب قريبه، فقد طلب المستحيل وكانت محبته لله كاذبة، لأن محبة القريب لا تنفصل عن محبة الله كما لا يمكننا ان نفصل النفس عن الجسد إلا بالموت.
وهذا ما صرح به القديس يوحنا الرسول بقوله لنا: ((ان قال قائل اني احب الله وهو يبغض اخاهُ فهو كاذب. ولنا هذه الوصية منه تعالى المحبة، ان يكون المحب لله محباً لأخيه أيضاً)) (1 يو 4 : 20 – 21).
فالعبادة لقلب يسوع الأقدس لا تكون صادقة ان لم نبلغ فيها الى محبة قريبنا تلك التي هي ركن الحياة المسيحية، لأن القلب الذي نعبده قد أحب جميع الناس على السواء وبذل نفسه عن كل انسان ولا يزال يشرق شمسه على كل الأخيار والأشرار ويمطر على الصديقينّ والظالمين (متى 5 : 45).
فعلينا ان نقتدي به بكل جهدنا لنكون تلاميذ محقين له: ((بهذا يعرف كل احد أنكم تلاميذي ان كان فيكم حب بعضكم لبغض)) (يو 13 : 35)، ولذا أعلم قلب يسوع الأقدس ذات مرة أمته القديسة مرغريتا مريم انه يعاقب في المطهر عقاباً شديداً أخف هفوة مخالفة لمحبة القريب.
وكانت هذه القديسة توصي كثيراً تلميذاتها بمحبة القريب ومن جملة ما قالت لهن: ((يا ليت علمتن كم يغتاظ القلب الأقدس من مخالفتكن لمحبة القريب ، فأنكن تمنعنهُ بهذه المخالفة ان يفيض عليكن نعمه بغزارة أعظم)).
خبر:
جاء في حياة القديس مارتن الجندي الباسل انه أراد ذات شتاء قارس ان يعود الى مدينة أميان عاصمة بيكاردية في القرن الرابع، فلم يكن لباسه هو غير رداء واسع مختص برتبته العسكرية، وربما كان قد اعطى الفقراء بقية ثيابه.
فلما وصل الى باب المدينة شاهدَ فقيراً عرياناً وسمعهُ يستغيث بالمارين دون ان يلتفت احد اليه.
فأفتكر إذ ذاك الجندي المملوء قلبه حباً لله وللقريب بأن إغاثة هذا المسكين مُعدة له.
وقد شاء الله ان يمتحن بها فضيلة عبده ويُظهر للملا درجة محبتهِ للإنسان المتألم.
فلم يكن لمارتن غير الرداء المار ذكرهُ وهو لا يكاد يكفي لأثنين غير انه لم يتردد في عزمهِ فأستل سيفهُ وقطع رداءهِ شطرين، أعطى الشطر الواحد للفقير وأبقى لهُ الشطر الثاني وإذ لم يكن كافياً ليستر جميع اعضاءهِ ، قرسهً البرد وألمه في أطرافهِ المعراة.
فجعل الناس يستهزئون بهِ لقصر رداءهِ ولا يغطي جمسهُ كما يجب.
لكن مارتن الذي لم يكن يكترث للمدح ولا للقدح، ترك الناس وشأنهم ودخل بيتهِ وباتَ فيهِ ليلتهِ.
وفي ليلتهِ ترأى له الرب يسوع في الحلم وهو لابس قطعة الرداء التي أعطاها للفقير المجهول وقال لهُ: أنظر إلى هذا الرداء فأنهُ رداؤكَ الذي اعطيتني إياه أمس، ثم إلتفتَ نحو الملائكة المحدقين بهِ وقالَ لهم: إن مارتن الجندي هو الذي كساني بهذا الرداء.
وأشارَ بكلامهِ هذا إلى قولهِ: ((إن كل ما تفعلونه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار فبي تفعلونه)). (متى 25 : 4).
إكرام:
ما تحب ان يصنعهُ الناس بك، إصنعهُ انت بهم فتكمل وصية المحبة.
نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً):
يا قلبَ يسوع أتون المحبة إشعل قلبنا بنار محبتك ومحبة القريب.
اضف رد