اليوم الأول (تأمل في أصل عبادة قلب يسوع الأقدس وأنتشارها):
أخذت عبادة قلب يسوع الأقدس مبدأها مع ابتداء الكنيسة المقدسة عينها، ونشأت عند أسفل الصليب، لأن مريم هي أول من سجدَ لهذا القلب المطعون لأجلنا، ثم ان يسوع المسيح من بعد قيامته ظهرَ لتلاميذه المجتمعين وأراهم جرح جنبهِ، وأمر توما بأن يضع فيهِ أصبعه. ومن ثُمَ رأينا أعظم قديسي العصور الأولى وما بعدها قد تعمقوا في بحر هذه العبادة الى حين شاء الله فأوحاها بطريقة خصوصية وشرّفَ بها الأزمان المتأخرة.
أما العبادة الجهرية العمومية لقلب يسوع الأقدس فقط حفظت لأهالي القرن السابع عشر وفخراً لمملكة فرنسا التي فيها نشأت.
أما النفس السعيدة التي اختارها الله وأوعز بواسطتها هذه العبادة فهي راهبة تقية من رهبانية الزيارة، تفردت بصدق حبها وخلوص تقواها، أسمها مرغريتا مريم ( 1647 – 1690 )، فظهر لها يوماً المخلص وقال لها : ((هاهو ذا القلب الذي أحب البشر كل هذا الحب، حتى انه افنى ذاته دلالة على حبه لهم، وأنا لا أرى منهم عوض الشكران سوى الكفران والأحتقار والأهانات والنفاق والبرودة نحو سر محبتي، والذي يحزنني كل الحزن ان ذلك يصدر من قلوب خصصت ذاتها لي. ولهذا اطلب ان يُعيد في اليوم الثامن بعد عيد سر جسدي (عيد القربان) وهو يوم الجمعة، عيداً لأكرام قلبي، وليتناول فيهِ المؤمنون جسدي تعويضاً عن خطاياهم التي بها يهينون سر محبتي حينما يكون مصموداً على المذابح المقدسة، وها أنا ذا أعدك بأن قلبي يمنح نعماً كثيرة وبركات غزيرة لأولئك الذين يكرمونه أو يسعون في اكرامه على هذه الصورة)).
أجابته تلك المتواضعة قائلة : ((ربي وإلهي من اتخذت لقضاء هذا العمل العظيم، أخليقة مسكينة خاطئة؟ فما أكثر النفوس البارة القادرة على قضائه)).
فقال لها يسوع : ((أفما تعلمين اذن انني لا أستعمل إلا الوسائط الضعيفة لأخزي الأقوياء. وأنني اظهر قدرتي على يد المساكين بالروح لكي لا ينسبوا من ذلك شيئاً لنفوسهم )).
فأجابته حينذ مرغريتا مريم : (( أعطني اذاً يا مولاي، أعطني واسطة بها أقدر أن أعمل ما أمرتني به )).
فقال لها : (( اذهبي الى عبدي الأب كلمبيار ( وهو يسوعي ومرشدها الروحي ) وقولي له من قِبلي ان يهتم بنشر هذه العبادة فيسر بها قلبي، ولا يقشل اذا ما أذابته بعض الصعوبات إذ لابد من المشاق بل ليتيقن ان كل من اعتمد عليّ لا على ذاته كان قادراً على كل شيء لا محالة )).
أما ما كان من أمر الاب كلمبيار فأنه إذ كان يثق بقداسة هذه الراهبة وتاكدت لديه صحة حوارها مع المخلص، همّ بنشر هذه العبادة الخالية من كل شبهة واراد ان يكون بكر التلاميذ لقلب يسوع الأقدس. فخصص بهذا القلب وبالحب الواجب له الجمعة الأولى التابعة للأيام الثمانية التي تعقب عيد القربان المقدس، وهو اليوم الواقع في 12 / حزيران / 1675 م.
فمنذ ذلك اليوم تشيدت أركان هذه العبادة على رغم كثرة المقاومات واشتداد المحاربات، ونمت واتسعت ولا سيما بعد ان ثبتها الأحبار الأعظمون.
خبر:
في سنة 1680 م أتفق للأب يوسف غاليفا عند اتمامه سنتي الأبتداء الرهباني ان يكون في ارشاد الطوباوي الأب كلاوديوس كلمبيار اليسوعي مرشد القديسة مرغريتة مريم ، ومنه أستقى مبادئ العبادة لقلب يسوع وارشاداتها ومن ثم تاصلت هذه العبادة في قلبه تأصلاً وشغف بحبها. فعندَ ختامه درس اللاهوت ارسل إلى دير القديس يوسف في مدينة ليون واذ كان يخدم المرضى فيها أعترته حمّى شديدة ألقته بعد بضعة أيام على أبواب الأبدية، فيئس الأطباء من شفائه وتأكدو دنو رحيله. ثم غاب عن حواسه وأخذ ينازع، والحاضرون ينتظرون دقيقة تسليمه الروح. فلما شاهد ذلك أحد أصحابه المشهود لهم بالتقوى والقداسة توجه بالهام الهي إلى القربان المقدس وقدّمَ هناك نذراً عن المريض وهو أن شاءت ارادته وأذنت بشفاء الأب غاليفا فسيقضي هذا الأب المريض ما يتبقى له من الحياة في تمجيد قلب يسوع الاقدس فأستجاب الله دعاءه وشفى المريض، وحيث انه كان يجهل النذر المذكور عرضوه عليه خطاً عند زوال خطره فوافقهم عليه بكل سرور معتبراً ذاته من ذلك الحين جندياً خاصاً انتخبته العناية الربانية لخدمة قلب يسوع الأقدس وخصص ذاته بجملتها بتمجيده.
إكرام:
حث الذين تحت أمرك ومن يصغي لمقالك على الاحتفال بعيد قلب يسوع الأقدس وفيه أقترب من المائدة المقدسة لتُكفر عن جميع الأخطاء المرتكبة اهانة لسر القربان المقدس.
نافذة:
(تقال ثلاث مرات دائماً)
اني وجدتُ قلب خليلي اللطيف يسوع المحبوب
اضف رد