كان هناك شاباً يعملُ مرشداً سياحياً في منطقة شلالات نياغارا الشهيرة، وفي أحد أيام عُطلته دخَل قاربه وتمدد فيه ليستريح قليلاً من تعب أسبوع شاق ومرهق لكن غلبه النعاس، واذ لم يكن قد أحكم ربط القارب بالصخرة القربية اليه، انحل الحبل من على الصخرة وتحرك القارب مع تيار المياه، وظل يبتعد شيئاً فشيئاً الى أن رأته مجموعة من الناس كانت هناك تتمتع بمناظر المياه وغزارتها الشديدة، فبدأت المجموعة بالصراخ والنداء عليه حتى يستيقظ ويعود، قبل ان يسير القارب في اتجاه اللاعودة، لم يكن ذلك الرجل يسمع أي شيء من الصراخ، فقد كان مثقلاً بنوم عميق ولم يستيقظ، اقترب القارب في سيره مدفوعاً بالتيار الى جوار آخر صخرة في الطريق الى الشلالات في هذا الوقت بالذات ضاعف الناس من صراخهم، فهذه الصخرة هي الأمل الوحيد الباقي لذلك الرجل، ونادوا بأعلى أصواتهم، ها هي الصخرة، ها هي الصخرة.
لكن ذلك المرشد لم يستجب الى صراخ النّاس لهُ، واستمرَّ القارب في حركتهِ باتجاه الشلالات الجبّارة، وعندما فقد الناس الأمل في نجاة ذلك الرجل، وأخذهم الحزن بسبب عدم تمكُّنهم من انقاذهِ، وفي نظرات آسفة على القارب الذي يحمل الرجل الى مصيره المشؤوم، واذا بالناس يفاجأون بتوفق القارب عن السير، وثباته في موقع معيّن أخذتهم الحيرة لما حصل، ووسط دهشة الناس على ما حدث، ذهب أحد المرشدين السياحيين مسرعاً الى قاربه واستقلّه بسرعة ليصل الى الرجل قبل ان يأخذه التيار من جديد، أبحر اليه وعندما وصل الى القارب وجد الرجل ما زال نائما فيه وهو لا يشعر بأي شيء مطلقاً فأيقظه من نومهِ، استيقظ المرشد ونظر الى المكان الذي وصل اليه دون أن يدري، وعندما نظر الى الأسفل وجد صخرة مغمورة بالمياه غير ظاهرة للعيان ارتكزت عليها مقدمة القارب بإحكام عندها شكر الله جدا على حمايته وحفظه له من موت محقق.
صديقي القارئ: قد لا ترى عينك غير الطرق و الوسائل المتاحة للحفظ من خلال ما هو مرئي وظاهر للعيان، لكن عند إلهنا طرقه الخاصة لحفظنا وحمايتنا، وهو من قال أعلّمك وأرشدك الطريق التي تسلك بها، أنصحك عيني عليك (مز 32 : 8)، وان كنّا نياماً لا نشعر بالخطر المحيط بنا يبقى هو الذي لا ينعس ولا ينام يحرسنا ويحفظنا كحدقة العين.
ها عَينُ اللهِ تَسْهَرُ عَلَى خائِفِيهِ،
يَرْعَى الَّذِينَ يَتَرَقَّبُونَ مَحَبَّتَهُ الصّادِقَةَ.
مِنَ المَوْتِ يُنقِذُهُمْ،
وَفِي المَجاعَةِ يُحيِيهِمْ.
(مزمور 33 : 18 – 19)
لاَ يَدَعُ قَدَمَكَ تَزِلُّ. لاَ يَنْعَسُ حَافِظُكَ.
الرَّبُّ هُوَ حَافِظُكَ، الرَّبُّ سِتْرٌ لَكَ عَنْ يَمِينِكَ.
(مزمور 121 : 3 . 5)
اضف رد