مقدّمة: إنّ الله الذي نؤمن به ولا نراه هل يمكن إثبات وجوده؟
نعم يمكن إثبات وجود الله ببراهين عديدة.
1- من العقل: إنّ العقل لا يستطيع أن يصدّق وجود المخلوقات بدون خالق كما أنّه لا يستطيع أن يصدّق وجود بيت بدون بنّاء ولا طاولة بدون نجّار ولا ساعة بدون ساعاتي ولا سيّارة بدون مهندس!
قال القدّيس أغوسطينوس: إنّ الله لا نراه ونراه. لا نراه لأنّه روح بسيط غير مركّب لا يقع تحت حواسنا ونراه في مخلوقاته.
نقول في قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد آب ضابط الكلّ خالق السماء والأرض كلّ ما يُرى وما لا يرى.
2- من ترتيب نظام المخلوقات: في الزهرة والشجرة والخروف والإنسان. نظام عجيب.
فخذ من الإنسان مثلاً العين فتجد فيها ألوف العروق والشرايين لتؤدّي وظيفة النظر.
وهكذا القول عن كلّ عضو في جسم الإنسان والحيوان.
فأعظم مصنع كهرباء ليس فيه أسلاك بقدر ما يوجد في جسم الإنسان من عروق وشرايين.
إنّ مصنع الكهرباء الكبير الذي يتطلّب مئات العمّال والمهندسين يشتغلون فيه شهورًا ليجهزوه، لا يصدّق العقل أنّه تمّ وتجهّز دون عمّال ومهندسين.
كذلك لا يصدّق العقل بوجود نظام المخلوقات العجيب دون عامل ومهندس عظيم هو الله.
لنا في النحلة عبرة: يداها وأرجلها…
3- من حاجة الكون إلى حافظ يحفظه ومدبّر يدبّره: إنّ السيارة إذا لم يقدها سائق في مستقيم الطريق فإنّها تصطدم وتتدهور وتقتل كلّ من تصادفه في طريقها.
كذلك لولا وجود مدبّر لهذه الكائنات ولقوى الطبيعة الهائلة، لكانت الأمطار والثلوج والعواصف تخرّب الأرض، والشمس تحرقها.
والكواكب إذا اصطدمت وتطاير منها شرارات تفني الأرض.
ولنا عبرة بما يحدث أحيانًا من فيضانات وبراكين وهزّات أرضيّة.
فلو سمح الله الخالق المدبِّر للهزّات الأرضيّة، أن تستمرّ بضع دقائق لكانت تزيل كلّ بناء عن سطح الأرض.
وأمّا ما يحدث أحيانًا من أضرار بسبب هذه القوى فذلك يفهمنا حاجة هذه القوى إلى مدبّر حكيم يقودها.
إنّ حوادث اصطدامات السيّارات لا تثبت غياب السائق.
4- من فكرة وجود الله: إنّ فكرة وجود الله هي غزيرة في قلب الإنسان.
فالبشر حتّى القبائل المتوحشّة التي تعبد الشمس والقمر والعجل وغير ذلك من المخلوقات، تقرّ بعبادتها هذه بوجود الله الذي تجهل حقيقته إذ تظنّه الشمس أو العجل أو غيرها.
إنّ إنكار الشيوعيّة وجود الله لا يناقض برهان فكرة وجود الله في قلب الإنسان.
لأنّ الشيوعيّة هي مقاومة هذه الفكرة.
وهذا برهان على وجود هذه الفكرة في قلب الإنسان.
إنّ الشيوعيّة انتزعت فكرة وجود الله من الإنسان انتـزاعًا كما يُنـزع عضو من الجسم!
5- من التقليد: التقليد المنقول بالتسلسل من بدء البشريّة يثبت أنّ الإنسان منذ آدم إلى اليوم ينقل إلى خلفه فكرة وجود الله.
يذكر الكتاب المقدّس ملكصادق أنّه كاهن الربّ العليّ مع أنّه كان محاطًا بعبدة الأصنام.
6- من الأنبياء: الأنبياء هم الذين أوحى الله إليهم أمورًا كثيرة مستقبلة.
وقد تمّت كما تنبّأوا عنها. كلّم الله إبراهيم الخليل وطلب منه أن يقدّم له ابنه محرقة، وكلّم موسى وصنع على يده آيات وعجائب باهرة. ومن بعد موسى كلّم الله أنبياء كثيرين أثبت لهم كلامه بآيات وعجائب وهؤلاء الأنبياء أخبروا عن الله ودوّنوا كلامه تعالى بكتب مقدّسة.
7- من الكتب المقدّسة: إنّ الكتب المقدّسة التي أوحاها الله إلى الذين كتبوها تخبرنا عن الله وفي كلّ صفحة من هذه الكتب المقدّسة دلالة على وجود الله.
والعهد القديم ملآن من مخاطبة الله لشعبه. قال الله لموسى حين ظهر له في العليقة – أنا هو الكائن – أنا إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب (سفر الخروج 3).
8- من المسيح: إنّ المسيح الذي رأيناه وسمعناه ولمسناه قد أثبت أنّه الله بالعجائب الباهرة التي صنعها وقد قال إن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالعجائب التي أصنعها (يو 10 – 37).
إنّ شخصيّة المسيح هي حقيقة تاريخيّة كحقيقة نبوليون والمير بشير والأمير فخر الدين المعني، ونيرون الظالم، والإسكندر، وأفلاطون وغيرهم من عظماء التاريخ.
إنّ الله كلّمنا في القديم بواسطة الأنبياء وفي هذه الأزمنة كلّمنا بابنه الحبيب (عبرانيّين 1 – 1).
صلاة:
أراك – يا ألله – في الزهرة العطرة، في العصفور الجميل، في الثمرة اللذيذة، في الجبال الشامخة، في البحار الشاسعة، في الينابيع العذبة، في الكواكب والنجوم الكثيرة، في الشمس التي تبهرني، أراك في كلّ موجود أوجدته لأجلي!!
أنا بحضرتك – يا ألله – ترى كلّ أعمالي وتعرف جميع أفكاري، وتطلّع على عواطفي، فاجعلني أعيش حسب رضاك ومسرّتك.
إلهي، في كياني ميل شديد وشوق إلى الحبّ. ولكن لا يوجد على الأرض حبّ يملأ قلبي. أحبّ شيئًا أو شخصًا ثمّ أتحوّل عنه لأنّه لا يروي قلبي. ليس حبّ يروي قلبي إلاّ حبّك يا ألله!!
خبر:
في الثورة الفرنسيّة الكبرى قال الكافر كاران لفلاّح تقي سنهدم كنائسكم وأبراج أجراسها.
أجاب الفلاّح: لا بدّ من أن تتركوا لنا النجوم في الفضاء فنعلّم أبناءنا أن يقرأوا فيها اسم الله تعالى.
لأنّ هذه الكواكب بنظامها تثبت وجود الله الذي تنكرونه أنتم.
اعتراض:
إنّ كثيرين ينكرون وجود الله بينهم علماء وفلاسفة!
ج: إنّ أكثر من كثيرين يؤمنون بوجود الله وبينهم علماء وفلاسفة ويثبتون وجود الله ببراهين تقنع العقل. وأنت الذي أعطاك الله نور العقل لتراه وتقتنع بوجوده. ماذا يهمّك من الذين ينكرون الله فأنت تصرّف بهدي عقلك!
خبر:
أنكر كافر وجود الله بحضور جمهور فلم يوافقه أحد من الحاضرين على رأيه فقال: لم يخطر ببالي أن يكون لي وحدي شرف إنكار وجود الله في بيت أناس أذكياء كهذا البيت.
فأجابته سيّدة البيت: ليس ذلك الشرف مختصًّا بك وحدك. بل كلبنا وحمارنا وبقرتنا وهرّتنا يشاطرونك هذا الشرف.
فخجل الكافر وصمت!
“كتاب إثبات العقائد الدينيّة ودحض الإعتراضات للأب ميخايل صافي”
منقول من موقع جنود مريم
اضف رد